من مذكرات رجل تعليم (الجزء الثامن - الصديق قبل الطريق

من مذكرات رجل تعليم...
الجزء الثامن : الصديق قبل الطريق

محمد الخطابي : أستاذ التعليم الابتدائي
لقد شاءت الأقدار. أن نلتقي في تلك القفار. لقاء جمعنا نحن الثلاثة غرباء.(زميل من مكناس وآخر من ورززات وأنا من الدار البيضاء). فنعم الصداقة ونعم الإخلاص والوفاء.
صداقة لا تقدر بثمن. ولا تنسى مهما طال الزمن. انسجمنا بعد أيام معدودة. وأصبحت أيدينا للخير ممدودة. وعزائمنا قوية ومشدودة. وكل السلوكيات المشينة منبوذة. والنية في التآزر هي المقصودة.
إن حدث بيننا سوء تفاهم أو شجار. فحل المشكل يتم بالهدوء والحوار. وبعدها ننسى ما وقع وصار. وإن جلسنا الى المائدة. تخالنا إخوة من أم واحدة. وكل نقاش بيننا فيه فائدة. ولا مجال للتفاهات الزائدة.
لم تكن بيننا اتكالية أو انتهازية. فكل واحد منا يقدر ما عليه من مسؤولية. وحتى المصاريف وضعنا لها مذكرة يومية. وإن جاد أحدنا عن طواعية. فذاك نبل منه وتقدير للعلاقة الأخوية.


فالصديق هو من تعرفه وقت الشدة والضيق. فإن تخلى عنك فذاك شخص لا يليق.
فإن مرض أحدنا فالكل يتألم. والحزن علينا جميعا يخيم. فأحيانا يكون العلاج ببعض المسكنات. وهي أدوية حملناها لنفس الغرض بالذات. وإن لم يتم الشفاء فتلك بداية المعاناة.
فليس هناك سيارة الإسعاف. فإما تتنقل على متن إحدى الدواب أوتسند على الأكتاف. وبعدها تبحث عن خطاف(نقل سرى). لينقلك إلى أقرب مستوصف. ولما تستقبل الممرض المكلف. يحكي لك ضعف الإمكانات ويتأسف. ويقترح عليك كيف تتصرف.
فجوابه واضح وصريح. فذاك حال المغرب العميق والجريح. فالبنيات التحتية شبه منعدمة ولا تصحيح. فما عليك إلا العلاج بالزعتر والشيح. أو تتوجه نحو مشعود لتعلق تميمة وتستريح.
فتلك حالات عشناها . واطلعنا عن الأوضاع وخباياها. فلم تكن بيدنا حيلة. إلا التوجه نحو أطباء المدينة . وتحمل المصاريف الثقيلة.
لا غربة مع أصدقاء أو إخوة أشقاء. تعاهدوا على المؤازرة والتعاون والوفاء. واجهوا المعاناة متحدين وأجزلوا العطاء. بكل تفان وجدية إرضاء لرب السماء. ملبين تطلعات هؤلاء الأبناء الأبرياء.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -