حالنا أيام الظروف المناخية القاسية

من مذكرات رجل تعليم








بقلم الأستاذ.محمد الخطابي

حالنا أيام الظروف المناخية القاسية( الجزء السابع)

بعدما تجاوزنا صدمة التعيين واستأنسنا بالمكان . وانسجمنا مع الأهالي وتعرفنا على نمط عيشهم وما ورثوه من زمان . ورغم وعورة التضاريس فقد أحسسنا بالأمان . غير أن ما لم يكن لدينا بالحسبان . وجعلنا ننخرط مع تخوفات السكان . هي تلك الاستعدادات التي كانت على قدم وساق . وكأنهم سيواجهون ماردا عملاقا . فهم يعلمون قساوة المناخ إلى درجة لا تطاق . 

وما حالنا نحن الغرباء . حين يحل فصل الشتاء. هل نغادر المنطقة أم نفضل البقاء . فالهروب جبن والمقاومة بلاء .  ورسالتنا تحتم علينا الصمود ولو في العراء . وما ذنب هؤلاء الأطفال الأبرياء . فلنكن قدوة لهم وننتظر الرحمة من السماء.

أستشرنا السكان عن لوازم الحيطة والحذر . لمواجهة ما كتب الله لنا وقدر . وقد كان دعمهم لنا فاق المنتظر . حيث زودونا بحطب التدفئة ما يكفينا . ونصحونا بتوفير الاحتياطات من المؤونة ما يغنينا .عن الخروج لأن المخاطر ستؤدينا . 

ولم تمض إلا أسابيع حتى كشرت الطبيعة عن أنيابها . وبدا قدوم أيام عسيرة على محياها .
استسلمنا للواقع وتركنا الأمور تأخد مجراها . فتلك قوة طبيعية لا يمكن للإنسان أن يتحداها . 
تغيرت الأحوال الجوية . وتلبدت السماء بسحب ركامية . وبدا وميض البرق وهزيم الرعد يندر بتساقطات سرعان ما بدأت برداد خفيف ثم تحولت إلى زخات قوية .ومع توالي الأيام انخفضت درجة الحرارة إلى مستويات قياسية. صاحبتها ثلوج غطت ببياضها البرية . فتحولت إلى عروس في أحلى أزيائها البهية.
واصبح التحرك محفوفا بالمخاطر في كل اتجاه وناحية . 
غير أن ما يؤثر في النفوس ويدمي قلب كل إنسان . هو حالة هؤلاء الصبيان . والتي يعجز عن وصفها اللسان . والتي تستحق كل المؤازرة والتضحية والإحسان .
فرغم قساوة المناخ وشدة البرد القارس فهم كالعادة يتأبطون محافظهم والتي لا تخلو من دفاتر و ادوات مدرسية وقنينات شاي بارد وخبز يابس .
وقد كنا كل صباح نشعل النار استعدادا لوصولهم . وإعادة الدفء إلى أجسامهم . فكنت لا ترى إلا وجوها يابسة ومحمرة . وأبدانا ترتعش وأنامل مجمدة .وبعضها مشققة. وينتعلون أحدية بلا ستيكية. مما يجعل أرجلهم شبه حفاةودامية .أما نزلات البرد الحاد فكانت تجعلهم يمسحون بأكمام ملابسهم سائلا مخاطيا يزحف في اتجاه شفايفهم. يصاحبه نوبات سعال تهتز له صدورهم الواهنة.
وكنا لا ندخل إلى الأقسام .إلا بعد أن يدب الدفء في الأجسام .ثم بعدها نستأنف الدروس في أمن وسلام.
اللهم  قو عزائم أخواتنا وإخواننا والهمهم الصبر والتحدي لمواجهة هذه الظروف القاسية. فأنت يا رب لا تضيع من أجزل العطاء من اجل محو الجهل والأمية عن هؤلاء الاطفال الابرياء.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -