من مذكرات رجل تعليم...(الجزء الثالث : المعاناة)


من مذكرات رجل تعليم...
الجزء الثالث : المعاناة

من مذكرات رجل تعليم

محمد الخطابي
لقد لقي الجزء الأول والثاني من مذكرات رجل تعليم تفاعلا كبيرا مما شجعني على إعداد الجزء الثالث وأتمنى أن يكون عند حسن تطلعاتكم وينال رضاكم. وأنا رهن الإشارة لانتقاداتكم. 
 غير أن ما أحكيه ليس كذبا أو بهتانا أو سيرة لسيف بن دي يزن. وإنما حقيقة أبطال وشجعان. يربضون بين الجبال والوديان. يؤدون الرسالة بكل إخلاص وأمان .في ظروف يعجز عن وصفها اللسان. 
.............الجزء الثالث.... 
أما عن ظروف السكن فحدث ولا عجب. بيت من طين سقفه عشب وقصب. دعائمها أعمدة من خشب. تحيط به أكوام من حطب. نحتاجها للتدفئة وقت الطلب.
 أما عن الفراش فالعين بصيرة واليد قصيرة. لحاف وإسفنجة وحصيرة. وأواني بسيطة تتوسطها قنينة غاز صغيرة. وطاولتين متقابلتين للأكل وإعداد التحضيرة.
أما عن الحياة اليومية. فهي بالمفاجآت والغرائب غنية.
فالنهار عندنا إشراق .وتنفس من الأعماق. وتأمل في الكون والآفاق. وتمتع بالطبيعة وجمالها الخلاق.
 أما بعد غروب الشمس. فينحصر المجال بين البيت وحجرة الدرس. حيث يرخي الليل سدوله فيسود الهدوء وينقطع الحس. ولا تعرف الأشياء إلا بالشم أو اللمس. حيث يسود حظر التجول وتنقبض النفس.
نعتكف داخل البيت لإعداد العشاء وإنجاز الجذاذات أو التصحيح. ثم نستسلم للنوم لكي نستريح.
 وإن كان ضمن وجبات عشائنا بطيخ أو دلاح. وتركنا القشور حتى الصباح. فاعلم أنك في تلك الليلة لن ترتاح. ستكون ليلة استعداد وكفاح. ولاتغفل السلاح وضوء المصباح.
 فقد تسمع بعد لحظات حركات خفيفة. لحشرة أو عقرب سامة سخيفة. أو فأر لنا معه حكايات طريفة. فاشعل وقتها الضوء ثم وجه القذيفة. وإن أخطأت الهدف ستقضي ليلة مخيفة.
 وعليك أن تحتاط عندما تلبس الحذاء. أو تحاول الشرب من برادة الماء. أو تستعمل كل إناء. وفتش جيدا الفراش والغطاء. وفي كل أرجاء البناء. وبعدها اطلب السلامة من الله ليرفع عنك هذا البلاء.
فذاك حالنا في عدة ليالي. ولكننا لا نبالي. ونستعد بحزم في صباح اليوم الموالي.
نتناول الإفطار. ونستعد للصغار. وهم يتوافدون من كل جهات الدوار.
 يقطعون المسافات بالكيلومترات. يتأبطون الزاد وعلى ظهورهم الأدوات. يسعون إلى المعرفة والتعلم بجد وثبات.
وما أن تفتح الأقسام. يدخلون بالتحية والسلام. وهم مطبوعون على التقدير والإحترام.
 ورغم تدني المستوى وصعوبة التواصل. فالمجهود منا متواصل. وليست هناك موانع أو فواصل. والاستيعاب من طرفهم حاصل.
 أخواتي إخواني لا أعلم كيف أستيقظت هذه الذكريات. وانهمرت صور الأحداث منها ما علق بالذهن ومنها ما استجمعته شتات لكي أرويه لكم أنتم بالذات.


الجزء السابق اضغط للمعاينة الجزء الموالي اضغط للمعاينة
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -