توجهات واختيارات في مجال تصريف برامج المواد الدراسية

تم تقديم مداخل البرنامج الدراسي وخلفياتها النظرية والبيداغوجية بشكل يجعل الفاعل التربوي يستحضر الاختيارات والتوجهات الوطنية والنظريات التربوية في ممارساته حتى تكون تدخلاته أكثر فعالية. ونعرف في ما يأتي بالمبادئ الموجهة في مجال طرائق التدريس وتدبير فضاءات التعلم والوسائل التعليمية والوسائط الديداكتيكية، وذلك من أجل تيسير التصريف الأنجع للبرامج الدراسية والأنشطة التكميلية المرتبطة بها.

طرائق التدريس

من المبادئ الموجهة في مجال طرائق التدريس، يمكن الإشارة إلى ما يأتي:
ـ جعل المتعلم (ة) محور كل العمليات التعليمية - التعلمية؛
ـ مسايرة حاجات المتعلمات والمتعلمين وتنمية كفاياتهم بجميع أبعادها اللغوية والمعرفية والتواصلية والمنهجية والاستراتيجية والثقافية والتكنولوجية؛
ـ تعزيز الذكاءات المتعددة والقدرة على الاختيار وحل المشكلات؛
ـ مراعاة سن المتعلم (ة) وخصوصياته النمائية بدنيا ونفسيا وعقليا؛
ـ ملاءمة الأنشطة التعليمية - التعلمية للمبادئ التربوية والديداكتيكية ولتمثلات المتعلم (ة) وقدراته؛
ـ الانفتاح على المحيط واستثمار كافة معطياته الغنية بالدروس؛
ـ استثمار الوسائل والمعينات الديداكتيكية والموارد التربوية الرقمية وأدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛
ـ تنويع أشكال العمل داخل مجموعة القسم، واعتماد التعلم الجماعي لما له من فوائد على مستوى ترسيخ مبادئ التواصل والحوار واحترام الآخر، مع إعطاء أهمية كبرى للعمل في مجموعات صغيرة؛
ـ اعتماد الأنشطة والإيقاعات والوسائل التعليمية والدعامات المحفزة للتعلم والمثيرة للفضول المعرفي؛
ـ توفير الفضاء التربوي الملائم للتنشيط والتفاعل في أوراش يسودها التعاون وتبادل الآراء والاحترام والعمل المشترك؛
ـ تسخير أساليب التقويم التكويني لتعزيز التعلم، وحفز المتعلمات والمتعلمين إلى المنافسة في الإنتاج والإبداع؛
ـ الانفتاح على طرائق التدريس وفق ما تمليه طبيعة موضوعات التعلم.

الكتب المدرسية

للكتب المدرسية مكانة أساسية في المنهاج الدراسي، فهي الوسيلة التعليمية التعلمية التي تتجسد فيها، بالملموس، الفلسفة التربوية للمجتمع، وتتجلى فيها، بوضوح، القيم والمثل والأفكار والمعارف التي تم اختيارها لتربية المتعلم(ة). فهي تقدم له المضامين المعرفية المفيدة والمثيرة، والتمارين الدافعة إلى البحث والاشتغال، وتوفر الوثائق والدعامات المساعدة على بناء التعلمات خلال الدروس، وقبلها وبعدها. ولذلك فهي بحق أداة لبناء الشخصية ووسيلة ميسرة للتعلم وتشكيل الرؤية الاجتماعية والثقافية والتنموية.

وفي هذا الإطار، واعتبارا لمتطلبات إصلاح تربوي متكامل ومتناسق، تتجه الاختيارات التربوية الوطنية نحو تعزيز تحرير الكتاب المدرسي، تأليفا وإخراجا، من جهة، وإمكانية استعمال أكثر من كتاب واحد في المؤسسات التعليمية، من جهة ثانية. وإذا كان المنهاج هو الإطار التربوي المرجعي الموحد وطنيا، فإن الكتب المدرسية متعددة ومتنوعة من حيث المضامين والوثائق والنصوص وترتيب المواد والأنشطة والمقاربات الديداكتيكية التي تقترحها، وهو ما يمنح الأستاذ(ة) اختيارات متعددة للتصرف في تدبير استعمالها بالتكييف
والملا
ءمة مع شروط وسياق التعلمات الميدانية ومع المقتضيات الديداكتيكية للمادة الدراسية، كل ذلك في إطار التعاقدات التنظيمية والتدبيريية المرتبطة بالتقويم والإنصاف وتوحيد الفرص أمام المتعلم(ة) محليا وجهويا ووطنيا.

يعد خيار التعددية في الكتاب المدرسي من بين الاختيارات التربوية التي تم تفعيلها ضمن ما نص عليه الميثاق الوطني للرتبية والتكوين. ويهدف هذا التوجه إلى حفز المنافسة والإبداع بين المؤلفين والناشرين في إنتاج الكتب المدرسية والمعينات الديداكتيكية المتنوعة من أجل إثراء الساحة التربوية والثقافية بالمراجع المدرسية.

تسهم تعددية الكتب المدرسية من الناحية التربوية في الحد من تنميط سيرورة التعليم والتعلم، وهي تتيح للأستاذ(ة) اختيار الكتاب الذي يتوافق أكثر مع متعلميه ومستواهم الدراسي وميولهم النفسية والجمالية، وذلك من بين الكتب المصادق عليها، كما يسمح له بالتوظيف الأمثل لتكوينه وكفاءته وأسلوبه البيداغوجي.

إضافة إلى ذلك، وانطلاقا من تنوع كتب المادة في كل مستوى دراسي، تتيح تعددية الكتب المدرسية إمكانية استعمال نماذج لوضعيات ديدكتيكية لا يوفرها الكتاب الوحيد، وذلك وفق شروط تسمح بجعل مصلحة المتعلم (ة) فوق كل اعتبار.

الوسائط والموارد التربوية الرقمية

لم تعد التعلمات رهينة الكتب المدرسية ومضامين المطبوعات الورقية، فقد أحدثت تطورات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطفرة المعرفية والمعلوماتية وتوافر الموارد التربوية الرقمية تحولات عميقة في إمكانية الحصول على المعرفة والوصول إليها، وبالتالي في تنوع الوسائل التعليمية المعتمدة. ومن ثمة ينبغي استثمار المضامين والموارد الرقمية المتوفرة في تخطيط الأنشطة المكملة لما هو مقترح بدليل الأستاذ (ة)، وفي جعل أنشطة المتعلمات والمتعلمين تتم مباشرة على حوامل حواسيب ووسائط رقمية؛ سواء داخل القاعات متعددة الوسائط أم باستعمال اللوحات اللمسية والأدوات التكنولوجية المتوفرة؛ ذلك أن لها دور بارز في مساعدة المتعلم على الإدراك الحسي وتقريب الواقع لديه، خاصة عند تدريس بعض المفاهيم المجردة والتي لا يسمح الحامل الورقي بإبراز ما تتضمنه من تفاعلات، مما يسمح بالفهم السليم لهذه المفاهيم وتملكه. ومن بين الوسائل التكنولوجية الحديثة التي يمكن اعتمادها في هذا المجال:
• الأشرطة الوثائقية التي توفرها شبكة الأنرتنيت؛
• البرمجيات التربوية الالكترونية ومختلف الموارد التربوية الرقمية التفاعلية؛
• المواقع الالكترونية الأكاديميية؛
الواقع المعزز Augmented Reality وتطبيقاته الرقمية؛
• ما يتيحه مواقع Taalimtice.ma من موارد رقمية ومن سيناريوهات بيداغوجية؛
• ما توفره منصة تلميذ تيس TelmidTice من دروس وفيديوهات رقمية للتعلم عن بعد.

وتوفر هذه الوسائل إمكانية استعمالها بسهولة وسرعة واستقلالية، وتتيح تنوع الاختيارات بما قد تضمنه من فرص للتواصل والتتبع داخل أوقات الدراسة الرسمية أو خارجها. وينبغي في هذا السياق تعويد المتعلمات والمتعلمين على الاستعانة بمثل هذه الأدوات والوسائل خارج المدرسة، لتمكينهم من تحسين أدائهم وتفعيل مشاركتهم. كما يعتبر الفضاء التربوي الملائم وسيلة فعالة للتنشيط والفاعلية والتنظيم، وبلوغ الأهداف المسطرة. غير أنه ينبغي التأكيد هنا أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، شأنها شأن الكتاب المدرسي لا ينبغي أن تستبعد الممارسة الصفية وتحتكرها معوضة وضعيات تعلم تفاعلية حقيقية، باعتماد المشاريع والأعمال التطبيقية.

تربية وتعليم
تربية وتعليم
تعليقات