الممارسات المهنية: تعريفها وأهدافها وأبعادها

الممارسات المهنية: تعريفها وأهدافها وأبعادها

الممارسات المهنية: تعريفها وأهدافها وأبعادها

إن مهنة التدريس مركبة وتكتسب بالتعلم وتمارس من خلال وضعيات مركبة تؤهل المدرس إلى التكيف اعتمادا على فهم منطق الاشتغال بحيث لا يمكنه أن يحيط بكل الجوانب ومن ثم فتكوين المدرسين في مجال تحليل الممارسات المهنية يهدف إلى تصور المهنة بوصفها ممارسة تبصرية واستشعار المسؤولية من قبل المدرس في تطوير مهاراته لتحليل الوضعيات المهنية التي تواجهه، مما يسهم في إعطائه التقدير الذي يستحقه؛ لأنه يتحكم في مهنته، ويقف على التقدم الذي يحققه فيها. ويبقى تحليل الممارسات المهنية عبارة عن نهج للبناء المهني خلال التكوين الممهنن باعتماد التناوب الذي تتمفصل فيه الجوانب العملية بالنظرية، مما يسهم في تطوره المهني.
يتطلب تحليل الممارسة المهنية من المدرس سواء خلال فترة التكوين أو خلال تحمله مسؤولية تدبير العملية التعلمية التعليمية بالمؤسسات التعليمية استحضار كفايات مستعرضة معرفية ومنهجية واستراتيجية وقيمية واستدماجها.... كما أنها تستند إلى أبعاد متنوعة ديدكتيكية وبيداغوجية شخصية علائقية ومؤسساتية ... إلخ.

تحليل الممارسات المهنية لأجل تكوين مدرس مهني محترف ومتبصر

شهد التدريس تطورا ساير مختلف التحولات التي يعرفها المجتمع فتحول بذلك من رسالة إلى مهنة ورسالة أيضا. ولما كانت شروط ممارسة المهنة تتطور باستمرار، بات المدرسون يتكيفون معها. ويرفعون تحديات جديدة تجعل ملامح مهنتهم تتغير بالموازاة مع ظروف الممارسة ووسائل العمل وتضاؤل الموارد في معظم البلدان.
وبصرف النظر عن مشاكل المهنة أصبحت وظيفة المدرس على درجة عالية من التعقيد؛ إذ يتطلب الأمر تحصيل معارف متعددة، واكتساب مهارات دقيقة لتيسير مهمة التدريس والنجاح في التواصل مع أولياء المتعلمات والمتعلمين، وكذا مع الزملاء والمحيط لتحقيق النجاح المدرسي.
وقد أصبح على عاتق المدرس في ظل هذه الظروف، أن يكون قادراً على التعامل مع كل جديد. ومستعدا لقبول التغيير ومعالجة المشاكل وتفهم الأوضاع المعيشة المتعددة الأبعاد، فالمفروض في المدرس المحترف القدرة على التعامل مع الأوضاع على تعقيداتها وتحمل مسؤولياته كاملة والتصرف المتبصر بناء على منطق التحليل المهني.

مفهوم تحليل الممارسة المهنية

يقصد بتحليل الممارسة الصفية حسب التي (Altet) الكيفية أو النهج المتفرد الذي يتبناه شخص ما للقيام بنشاط التعليم، أي أنها عبارة عن سيرورة تستهدف بناء مهارات المدرس وتطويرها لمساءلة ممارساته المهنية، وبذلك فتحليل الممارسات التعليمية يجعل منها موضوعا للتفكير والتبصر من خلال تحليلها وإدراك جزئياتها، وكذلك هدفا من خلال أن التبصر فيها يمكن من تعديلها وتطويرها .
وكفاية تحليل وتبصر الممارسة الصفية" تدعم المدرس المتدرب أو الممارس في إعطانه معنى لممارساته الفصلية وفهمها من خلال التمكن من الضوابط والجوانب الأساسية المتحكمة في الممارسة المهنية بالتساؤل والتأمل والتحليل لتغيير التصورات والممارسات وتعديلها في أفق تكوين شخصيته المهنية المتبصرة.
يتعلق الأمر بتعلم التفكير فيما نقوم به في وضعية واقعية لأجل فهم الممارسة المهنية بحيث تتوج عملية تحليل الممارسات بتعلم المهنة. ويبقى الهدف من وراء ذلك هو المساعدة على بناء الهوية المهنية ومن ثم تنزيل المهارات التربوية والتعليمية والعلائقية التي تقوم عليها المهنة.
وليس تحليل الممارسات فرصة لتبادل أطراف الحديث فقط، وإنما هو مجموعة للبناء المهني. وعبارة "تحليل الممارسات" متداولة بكثرة في أوساط التكوين المهني، فقد عرفت رواجا كبيرا خلال العقد الأخير، لأنها تستجيب لطلب اجتماعي قوي في مختلف قطاعات التكوين بحيث وضعت أساليب مختلفة تحت هذا العنوان وسواء أكانت مجرد موضة أم مقاربة جديدة ومستدامة للتكوين فإنها توظف في كل السياقات داخل هيئات التكوين على تعددها وتعدد اختصاصاتها، وهي واحدة من تلك المفاهيم غير المستقرة التي يتحدث عنها (Stengers)، والتي أمست مبتذلة؛ إذ أصبح هذا المفهوم المتعدد المعاني يغطي في الواقع تصوارت نظرية وأساليب تنفيذ مختلفة وآليات إجرائية متباينة.

الأسس النظرية لنهج تحليل الممارسات المهنية

يرتبط هذا النهج بتطوير المسلك التبصري؛ إذ يتعلق الأمر بتعلم التفكير فيما نقوم به في وضعية واقعية لأجل فهم الممارسة المهنية، بحيث تتوج عملية تحليل الممارسات بتعلم المهنة. ويبقى الهدف من وراء ذلك هو المساعدة على بناء الهوية المهنية، ومن ثم تنزيل المهارات التربوية والتعليمية والعلائقية التي تقوم عليها المهنة، فتحليل الممارسات ليس مجموعة لتبادل أطراف الحديث، بل مجموعة للبناء المهني.

وكما هو معلوم، فإنه لا يوجد شكل واحد لتحليل الممارسات بل أنواع متعددة من تحليل الممارسات وآليات مختلفة، مما يثير العديد من الأسئلة، والسبب في ذلك استخدام هذا النهج على أنحاء مختلفة، وبناء عليه، فإن تحليل الممارسات المهنية يستمد أساسه العلمي من العديد من المقاربات المرجعية.

المقاربة النفسية - الاجتماعية

تشكل المقاربة النفسية - الاجتماعية مرجعا إبستيمولوجيا ونظريا لتحليل الممارسات المهنية، حيث نسرد في هذا الصدد، أعمال العالم التي بينت تأثير المجموعة على المعايير والتحديات وأنشطة الفرد المهنية.
ويمكن إنجاز تحليل الممارسة في سياق فردي أي التحليل الذاتي أو ثنائي مع مصاحب أو مدرس محترف أي ذي خبرة أو داخل مجموعة ومثال ذلك مقاربة (GEASE) لأصحابه EFumat (M.Lamy, T. Perez-Roux) وهي مجموعة ذات مرجعية نفسية اجتماعية للتمرن على تحليل الوضعيات التعليمية.

المقاربة السريرية

تركز هذه المقاربة المجموعاتية على وصف الحقل العلائقي وتشريح الدينامية الحاصلة بين الأفراد في واقع الممارسة باعتبار الأبعاد الذواتية من مشاعر المدرس وأحاسيسه ومعاناته ( M.Cifali ،Blanchard-Laville) ، بحيث تستحضر علاقة تفاعل الذوات في سياق سيشكل مصدرا لبناء أداة تفكير مهنية.
وتبقى المعارف السريرية المستنبطة من وضعية مهنية على اتصال مستمر بالمعارف العملية فأغلب المعارف السريرية تسعى عاجلا أم أجلا إلى تحسين التدخل التربوي، شأنها في ذلك شأن المعارف التدخلية؛ حيث يمر الولوج إلى المعنى عبر الدينامية الذواتية من خلال تداخل العلاقات بين المكون والمتدرب.

المقاربة الوظيفية التبصرية

يقوم المدرس بتحديد الوظائف العلائقية والبيداغوجية والديدكتيكية التي توجه ممارسة التعليم التعلم، وذلك بشكل فردي أو ثنائي مع مصاحب أو مع الأقران مجموعة تحليل الممارسات المهنية؛ بحيث يتم تطبيق تلكم الوظائف خلال حصة معينة مع مراعاة عوامل التبصر، بغية تحديد علاقاتها وتفاعلاتها، وذلك بهدف فهم طريقة اشتغالها واستيعاب المقصود بالممارسة ؛ إذ يتعلق الأمر بإبراز الفجوة بين الهدف، وما تم تحقيقه بالفعل من خلال تحليلي تبصري اعتمادا على الموضوعية والتجرد، ويتم التساؤل بشكل ثنائي أو ضمن مجموعة لفهم ما يجري من خلال:
. المشاركة في بناء فرضيات متعددة الأبعاد ومنهجية للقراءة والتحليل تربط بين العوامل الفاعلة.
. إعطاء فرصة ثانية للمدرس بغية فهم طريقة اشتغاله ومدى إتقان ممارسته
. فهذا النوع من التكوين الذي يستدعي التساؤل والتحليل والتبصر يشكل رافعة لتغيير التصورات والممارسات ويعزز بناء الأحكام المهنية.
. وتبقى استعمالات هذا النهج متعددة كممارسة للتكوين تساعد على تحليل حصة يتم تقديمها مع جماعة الفصل أو مع جماعة الأقران بحضور الأستاذ المكوّن، ويسمح هذا النهج المتدرب متطوع بتقديم قراءة.
. شخصية لتجربته المعيشة قصد توضيح اختياراته والتعبير عن تصوره العملية التعليم . التعلم، وذلك على الشكل الذي تمت وفقه والتعبير عن مشاعره وشكوكه وتساؤلاته وفي مقابل ذلك يقوم باقي المتدربين الحاضرين بطرح الأسئلة للتعبير عن وجهات نظرهم والقيام بمقارنات مع وضعيات مماثلة، إضافة إلى توضيح المحددات الضابطة لاستيعاب وفهم ما حدث في تلك الوضعية التي تم تحليلها قصد إعادة ترتيب معناها.

إن تحليل الممارسة ليس عبارة عن محادثة أو نقاشا بسيطا حول الممارسات أو مجرد مقارنة بين وجهات النظر؛ بل هو تساؤل جماعي حقيقي حول معنى الفعل البيداغوجي، من خلال إجراء تحليل يساعد على الفهم.

أهداف تحليل الممارسات المهنية

. جعل المتدربين في صلب التكوين
. إشراكهم من خلال تحليل ممارساتهم
. جعلهم يدركون أنشطتهم ومساعدتهم على فهم الصعوبات التي تتم مواجهتها وتلك التي تواجه المتعلمين.
. تكوينهم على حل مشاكلهم وعلى تطوير مواقفهم وممارساتهم التبصرية بهدف التجديد والابتكار جعل المدرسين يكتشفون بأن مهنة التعليم مهنة إنسانية مركبة مكونة من وضعيات نوعية تمكنهم من التكيف عن طريق فهم ممارستهم.

تحليل الممارسات المهنية نهج وإمكانية لتمفصل عناصر الأنموذج: عملي - نظري - عملي 

تهدف جميع آليات تحليل الممارسات المهنية إلى تمفصل أزمنة التكوين النظرية والعملية حول الممارسات الفعلية المنجزة على أرض الواقع من قبل المتدربين؛ إذ يقومون بعد التدريب بعرض ممارساتهم الصفية وتحليلها مع الأقران، بحيث تنطلق معظم الحصص بدراسة حالة أو ممارسة صفية تم إنجازها وعرضها على المجموعة من قبل أحد المتدربين، أو على شكل دراسة حالة مكتوبة وموزعة على باقي الأعضاء، أو على شكل قصة سردية، أو ممارسة يتم تسجيلها في شريط فيديو أو على جهاز لوحي، أو حتى على الهاتف المحمول ليتم عرضها، أو في شكل تسجيل صوتي يتم الاستماع إليه.
ويتم عرض وتحليل الممارسة من طرف الشخص الذي عاشها؛ لتأخذ مجموع المتدربين بعد ذلك الكلمة من أجل طرح الأسئلة وتوضيح ما تم عرضه وطرح فرضيات لتفسير هذه الممارسة ومقارنتها بممارسات صفية مشابهة، مع تحليل الوضعية من خلال ربط مختلف العوامل المعنية من أجل فهم معنى الإجراء المتخذ ولا يتدخل المشرف على التكوين إلا بطلب من المجموعة، ليمدهم بأدوات مفهومية للتحليل والمراجع النظرية الإضافية لمساعدتهم على فهم العمليات التي تم تحليلها وتحديد الإشكالات واقتراح وجهات نظر متعددة بحيث تتشكل تدخلاته من اقتراح شبكات القراءة الوضعيات المهنية المعيشة والمراجع والأفكار المدعومة بالحجج وباقتراح آفاق لتعميق الفهم.

ويقوم المكون بتكييف إسهاماته واستراتيجياته بحسب طلبات المجموعة من أجل فهم الأبعاد المكونة لعمل المدرس بحيث يجب على هذا الأخير تدبير جل هذه الأبعاد لأن المدرس المبتدئ يجد صعوبات حقيقية في هذا الإطار. ويمكن تحليل الممارسات المدرس المبتدئ من تحديد هذه الأبعاد المتعددة وإدراك تفاعلاتها، لأن فك رموز هذه الظواهر يساعد على فهم ما يجري داخل القسم.

وترتبط شبكات قراءة الوضعيات المهنية موضوع التحليل بمجال الأبحاث في علوم التربية، لأن تحليل الممارسات يمكن المدرس من قراءة ممارسته الشخصية بتوظيف هذه الأدوات؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتعلق الأمر بأداة تهم التوجيهات التي يقدمها المكون إلى المتدرب أو المدرس إلى التلميذ. إذ تمكن هذه الأداة من فهم العلاقات بين الأفراد والاختيارات البيداغوجية والتواصلية. ويمكن المتخصص في علم النفس التربوي أن يوظف هذه الأداة بموازاة مع أداة أخرى يقدمها مختص في الديداكتيك حول العقد الديدكتيكي، ويمكن كذلك للمتدربين أن يفهموا الاشتغال الديدكتيكي والتواصلي لتأكيد أن ما هو بيداغوجي لا يعمل من دون الشق الديدكتيكي ومن دون التفاعل بين ذوات المتدخلين في الفعل التربوي.
وتبقى أدوات الاستدلال مفاهيم تستخدم من قبل المتخصصين في الأدوات التعليمية وتحث.المتدرب على التفكير، بحيث يكون لهذا الأخير نظرة أخرى بخصوص ممارسته، وأن يتمكن من طرح إشكالات وتقديم إجابات حول الوضعية. وهكذا فإن تحليل الممارسات يساعد المتدرب على تغيير ممارساته اعتمادا على تغيير تمثلاته حولها.
ويهدف تحليل الممارسات إلى فهم ما يقوم به المتدرب، بحيث يتمكن من التعبير بوضوح عن ممارسته لأجل إعادة بنائها اعتمادا على المفاهيم النظرية المؤطرة لهذه الممارسة قصد تطوير مهاراته. لذلك يصبح كل من المكون بالمركز أو الأستاذ المستقبل ملزما بتوظيف هذه المفاهيم النظرية بشكل يومي أثناء الاشتغال مع المتدربين في الواقع غالباً ما يكون تحليل الممارسات سهل الاستخدام في التكوين المستمر، لأن ممارسات المدرسين متعددة. ومع ذلك، يقوم المبتدئون بتنفيذ ممارسة معينة وقد يكون من المثير للاهتمام بالنسبة لهم أن يقوموا بتحليلها، إذ يقدم المتدربون أمثلة على ممارساتهم بشكل ملموس ويُمكن التسجيل الصوتي أيضا من استعادة وضعية ما، كما يبقى من الممكن أيضا عرض قصة مكتوبة أو شفهية لوضعية معينة، لتمكين المجموعة بعد ذلك من العمل والتفكير في هذه الوضعية، في حين يطرح المكون الأسئلة ويساعد على فهم ما حدث خلال التسلسل الذي عرضه المتدرب.
وتتنوع الطرق المستخدمة في تحليل الممارسات بين طرح الأسئلة والمناقشات عبر الموائد المستديرة الجماعية، أو في العمل الثنائي أو في مجموعات صغيرة في حين تبقى الطريقة المهيمنة هي إعطاء الكلمة للمتدربين من أجل التعبير وطرح الأسئلة واقتراح فرضيات القراءة الوضعيات والممارسات المهنية الملاحظة...

مبادئ تنفيذ تحليل الممارسات المهنية

يتطلب تنفيذ هذا إجراء تحليل الممارسة الأخذ بعين الاعتبار العديد من المبادئ:
. فاعلية المعني بالأمر ووعيه وتطوره: 
من أجل أن يتبنى المدرس موقفا تبصرنا اتجاه ممارسته يجب عليه أن يكون فاعلا في تكوينه الخاص وواعيا بحاجياته وطالبا للمساعدة، كما يجب عليه أن يقبل بأن يلاحظ ويضع ممارساته الشخصية رهن التصرف وأن يقوم بتحليلها، من أجل تطوير كفاياته المهنية.
. اعتماد النقاش بين المتدربين وتحقيق التبادلية في تحليل الممارسة: إنها طريقة للتكوين ترتكز.على إشراك الأقران لتطوير قدرات الذكاء بين الذوات لدى كل مدرس داخل نفس المجموعة من أجل مقارنة نتائج تحليل الممارسة مع بعضها واقتراح فرضيات لقراءتها وبناء بدائل مبررة.
. الموضوعية وأخذ المسافة: إنها القدرة على تطوير فكر مستقل من خلال تسليط الضوء على اختياراته ومعارفه وأفكاره، وقناعاته. وهذا يشمل أخذ مسافة بين الذات وتمثلاته وممارساته ومعاييره البيداغوجية والاجتماعية الثقافية.
. الفارق الذي يحدثه تحليل الممارسة: تمكن تحليل الممارسات المدرس من إدراك الفرق الكبير بين الممارسة المنجزة والممارسة المرغوب فيها.
. الملاحظة عرض إشكالات التحليل التنظير، تصور ممارسات جديدة . تمكن الممارسة التبصرية الممارس من تعديل تصوراته المهنية انطلاقا من أخذ مسافة بين ذاته وممارسته، بحيث يبنى هذا التحليل على ملاحظة ما تم إنجازه وعلى المساءلة عرض إشكالات وطرح فرضیات وعلى التنظير وتصور ممارسات جديدة.
. اختيار الأدوات المفاهيمية والانخراط في إضفاء الطابع الرسمي لما هو شفهي وحتى لما هو مكتوب.
. تعد الملاحظة وطرح الأسئلة والتحاور التفسيري التبصري والتبادل بين الأقران من بين الوسائل المستعملة لاختيار الأدوات المفاهيمية والمراجع النظرية الملائمة التي يتم استخدامها في عملية إضفاء الطابع الرسمي على الممارسة.
. تعاقد تكويني يطمئن المتدرب ويلبي حاجاته المهنية.
يعد تحليل الممارسات المهنية أحد الإجراءات التي تتطلب جوا من الثقة بين المكون المصاحب والمتدرب، يسمح بالتفاوض حول تعاقد يطمئن هذا الأخير، مما يساعد على تقويم وتعديل المشاكل الفعلية من خلال توضيح أهداف التكوين وبناء المهنية والبحث المشترك كذلك على بدائل تدفع المتدرب في الانخراط في سيرورة التكوين الذاتي تجعله يتطور بشكل مستمر ومتدرج.

أبعاد تحليل الممارسات المهنية

يعتمد تحليل الممارسة على توظيف أدوات مفاهيمية ومراجع نظرية تمكن من وصف الممارسة المهنية وإعادة تأطيرها وقراءتها بشكل آخر. وتعد مهارة تحليل الممارسات والوضعيات قدرة يتم بناؤها عبر التحليل وبتوظيف المفاهيم والمعارف والأدوات المحصل عليها من النماذج النظرية والبحوث البيداغوجية والديدكتيكية والنفسية والاجتماعية والإرغنوميا (Ergonomie) والبحوث المرتبطة بالتحليل النفسي أو المعتمدة على الممارسات المعترف بجودتها مسبقا، بحيث أن هذه المعطيات الوصفية تساعد إضافة إلى المفاهيم والمراجع النظرية والأدوات المعرفية على تقديم وجهة نظر مختلفة عن الممارسة أو الوضعية موضوع التحليل.
ويهدف تحليل الممارسة إلى وضع محددات وليس تقديم نموذج جاهز لممارسة معينة، بل يمكن من وضع معايير وربطها بها. وسيتعين على المتدرب ذكر ما إذا كان التدخل ناجحا أم لا، إذ لا يركز تحليل الممارسات على الوضعيات التي تثير صعوبات فقط، بل أيضًا تهتم بالنجاحات ومن الواجب على المتدرب أن يستوعب ما يقوم به وما يمكن أن ينجح فيه، بحيث يتم تكوينه على توضيح ممارساته.
إن المعارف - الأدوات هي المراجع النظرية التي تصف الممارسة وتضفي عليها الطابع الرسمي مثل التنظير للتعليم والتربية. فمثلا، يمكن أن ينظر إلى التعليم بوصفه وضعية تسمح للمدرس القيام باختيارات بيداغوجية تأخذ الإكراهات بعين الاعتبار. كما أن الغرض من التعليم هو الحفز على التعلم باعتماد تدبير المعارف الديدكتيكية. وفي هذا السياق، تبقى أبعاد الممارسة الصفية متعددة مما يقتضي من المتدربين أخذها بعين الاعتبار حيث هناك من يصنفها إلى:
- بعدين: بيداغوجية وديدكتيكية.
وأربعة أبعاد: (1996 Altet) عند الحديث عن الممارسة وقراءتها:
- بعد أداتي:
 (instrumentale) تساعد المعارف الأدوات على إضفاء الطابع الرسمي على الممارسة والتجربة وعقلنتهما:
- بعد استدلالي (dimension heuristique): تفتح المعارف الأدوات آفاقا للتفكير وتساعد على ربط المتغيرات المتعلقة بالوضعية التي يتم تحليلها مع بعضها
- بعد إشكالي (dimension de problematisation): تساعد المعارف - الأدوات على وضع إشكال وحله وبنائه
. بعد التغيير (dimension de changement): تمكن المعارف الأدوات من إحداث تمثلات جديدة للممارسات والوضعيات.
ثلاثة أبعاد: البعد الشخصي - العلائقي، البعد البيداغوجي - التنظيمي، البعد الديدكتيكي الإبستيمي.

وحسب المفاهيم المستخدمة في التحليل تعمل جماعة المتدربين على ترجيح الاشتغال بالبعد البيداغوجي والتعليمي للأستاذ أو التركيز على البعد الشخصي باستخدام المقاربة السريرية التي تعتمد الوصف والتشريح.
ويبدو أن الأمر قد استقر على اعتماد ثلاثة أبعاد ثنائية التركيب نفصلها كالاتي:

- البعد الديدكتيكي - الابستيمي: 
 يتجلى في استحضار البعد المعرفي وانتقاء وتنظيم الطرائق الديدكتيكية والاستراتيجيات والأساليب التدريسية المستعملة من طرف المدرس، وفي كيفية تدبير محتويات الدرس فالمدرس يخطط للتعلمات بتصنيف وترتيب المحتويات وضبط آليات تمريرها وتثبيتها لدى المتعلم (ة) بغية تحقيق الأهداف المسطرة، وفق القواعد الممارسة الديدكتيكية (تعاقد الديداكتيكي نقل ديداكتيكي معالجة ديدكتيكية عوائق ديدكتيكية، كل هذه المستويات تتطلب من المدرس العمل على تكييفها وتعديلها لتتماشى وحاجات المتعلمين (ات).
تعكس الممارسات الصفية الممهننة للمدرس قدرته على ابتكار أو تكييف وضعيات تعليمية تعلمية ملائمة لميول واهتمامات المتعلمين (ات) حيث إنها ترفع من جاذبية الفعل التعليمي التعلمي ومن شأنها أن تبعث وبقوة انتباه المتعلمين وتثير استعدادهم وتجعلهم يتفاعلون مع محتويات أنشطة بناء الدرس. لا سيما وأن تبصر المدرس في التعامل مع المضامين والوعي بممارسة مقارنة مع الهدف المتوخى الوصول إليه، سيكون له أثر إيجابي على إرساء التعلمات.
البعد البيداغوجي - التنظيمي : 
يتعلق البعد البيداغوجي للممارسة الصفية بالمهارات والكفايات والأساليب التدريسية الخاصة ذات الطبيعة البيداغوجية والمرتبطة بنشاط المدرس وأدائه المهني والتربوي وتكوينه وكيفية تخطيطه لدروسه وتنظيم الحصص وبناء أشكال التقويم والاختبار في استحضار تام للجانب التنظيمي، وذلك يعني مجموع السلوكات التي يسلكها المدرس (ة) والمستعملة أثناء ممارسة الفعل التدريسي، والتي تأخذ بعين الاعتبار كافة المتغيرات الممكن حصولها بشكل منتظم لتدبير السيرورة التفاعلية تعليم تعلم تحت تأثير وضعية وسياق معينين، حيث يتجلى هذا البعد في أشكال تنظيم الأنشطة والتفاعلات الأفقية والعمودية.
يقتضي التدبير البيداغوجي الفعال والناجع إثارة العمليات الذهنية للمتعلم(ة) وجعل نشاطاته في مركز التعلمات وتوجيه طاقاته إلها حسب ما توصي به التوجيهات التربوية من خلال حث المتعلمين (ات) على اكتساب التعلمات وتطوير قدراتهم عن طريق الضبط المستمر للمهمات الفردية الثنائية والجماعية عبر التوجيه والمعالجة والدعم المنهجي المواكب ويرتبط التدبير البيداغوجي الجيد بالظروف التي يخلقها المدرس في الفصل وكذلك مدى وملاءمتها لسياق وأهداف التعلم.
البعد الشخصي - العلائقي: 
يركز على كيفية التفاعل والتواصل بين مختلف الشخصيات مع خصوصياتها، وتدبير التفاعلات بينها، وبلورة العلاقات والتدبير السليم للتعلمات بحيث إن المدرس والمتعلمين من جهة، والمتعلمين فيما بينهم من جهة ثانية تربطهم علاقات تؤطرها حمولات إنسانية سيكو نفسية اجتماعية وتمثلات خاصة، فدور المدرس (ة) مهم في إرساء السلوكات الإيجابية في هذه العلاقة، وكل خلل في بناء هذه العلاقات سيكون له انعكاسات سلبية على العملية التربوية برمتها 2. ما يناقض الحاجة إلى التأسيس لبيئة تعليمية تعلمية مطمئنة داخل الفصل، والتي من المطلوب من المدرس (ة) توفيرها من خلال:
- بناء علاقات إيجابية، فالمتعلم(ة) يفضل المدرس الذي يعرف بتعامله الإنساني.
- نقل التوقعات الإيجابية، فالمتعلم(ة) ينتظر من المدرس التشجيع على النجاح.
- تهيئة بيئة مناخ صحي ملائم ومربح للتعلم باعث على الاستعداد والحافزية والمبادرة.
- تقدير ذات المتعلم (ة) عن طريق الإنصات والتحفيز والإشراك .
. إن تملك المدرس (ة) لكفايات علائقية وقيمية دعامة أساسية لتميين الممارسة التدريسية، وليصبح المدرس محترفا وممهننا وشرطا لحدوث عملية تعليمية تعلمية سليمة ذات جودة ومردودية.

. البعد الشخصي: نستحضر هنا متغيرات متعلقة بشخصية المدرس(ة)، تظهر في مواقفه البيداغوجية وارائه حولها، وكذلك تمثلاته وعلاقته بالمعرفة (النقل الديد كتيكي)، أيضا تمثلاته وتصوراته اتجاه المتعلمين (ات). فشخصية المدرس تؤثر في أسلوب تدريسه لذا لا يمكن حصر أسلوب تدريسي واحد ووحيد معياري دون غيره كوصفة جاهزة، لكن يمكن الحكم على جودة وفعالية ونجاعة أي أسلوب تدريسي مرتبط بشخصية المدرس(ة) من خلال درجة تفاعل المتعلمين ومدرسهم وفيما بينهم، ومن خلال تقييم الأثر الذي تعبر عنه درجة التحصيل لدى المتعلمين

معايير تحليل الممارسة المهنية

على ضوء الأبعاد الثلاثة للممارسات المهنية، يتم إخضاعا للتحليل وفق ثلاثة معايير تعرضها كالاتي:
- معايير ديدكتيكية: 
تنقسم معايير تحليل الممارسة الصفية وفق المرجعيات الديد كتيكية والمقارباتية إلى قسمين: الأول يرتبط بالمحتوى التعليمي، والثاني بطرق تدريس المادة الدراسية.
- معايير بيداغوجية:  تتجلى في قدرة المدرس (ة) على:
. صياغة وضعيات تعليمية تعلمية مركبة مرتبطة بالواقع المعيش ملائمة السياقات معينة ومحفزة جاذبة للمتعلم (ة) بأن يستقر في مركز العمليات التعليمية التعلمية:
. ابتكار وضعيات انطلاق بالارتكاز على تمثلات المتعلمين (ات) ومكتسباتهم القبلية بجميع حمولاتها، ووضعها موضع صارع معرفي لتصحيحها وتهذيبها.
..تدبير الزمن التعليمي التعلمي بضبط الوعاء الزمني الملائم لكل نشاط من أنشطة السيرورة التعليمية داخل الفصل
. تنويع أشكال تنظيم القسم الدراسي والتنويع أيضا في صبغ عمل جماعة الفصل من متعلمين (ات) (فردي مجموعات..)
. تفعيل المقاربات البيد الغوجية الملائمة والمستجدة والاستراتيجيات المتنوعة والطرائق البيداغوجية النشيطة في تدبيره للأنشطة الصفية، وتنويع الوسائل، والوسائط التعليمية، والتربوية.
- معايير تواصلية: 
تتمثل في تملك المدرس (1) لكفايات ومهارات تواصلية هي كالتالي:
. تنظيم مشاركة المتعلمين (ات) وتدبير اتجاهات التواصل التربوي فيما بينهم أو بينهم وبين المدرس (ة):
. تحفيز المتعلمين (ات) على المشاركة وأخذ زمام المبادرة وابتكار منتوجات تعلمية، والالتزام بأداب الحوار والتفاعل البناء في مختلف مواقف التواصل التربوي والمهني.
. نود الإشارة إلى أن المعايير التواصلية تتطلب انصاف المدرس (ة) بمنظومة قيمية (قيم فضلي) تنعكس لا محالة على مواصفاته وملامحه الشخصية والعلائقية مع المتعلم (ة)، بل وتتعداه إلى المحيط الميني من زملاء ومتدخلين تربويين (ات) وآباء وأولياء الأمور ...
. الاهتمام بأنشطة المتعلمين (ات) عن طريق التوجيه والتقويم وتثمينها والتنويه بها، واشهار المتميز من إنتاجات المتعلمين.
استعمال المهارات التواصلية لتعزيز الإقبال على التعلم والانخراط فيه، وتطبيق تقنيات التنشيط التربوي والتواصل البيداغوجي لإضفاء صفة المتعة.

تربية وتعليم
تربية وتعليم
تعليقات