مفهوم الإعاقة والطفل في وضعية إعاقة

تعريف الإعاقة والطفل في وضعية إعاقة

مفهوم الإعاقة والطفل في وضعية إعاقة


  إن الهندسة المتوخاة في هذا الإطار المرجعي هي هندسة تستهدف جعل الأطفال في وضعية إعاقة يستفيدون من نفس الحقوق في التمدرس التي يستفيد منها زملاؤهم الآخرون، وبالتالي فإنها هندسة ترتكز، بالإضافة إلى المفاهيم السالفة الذكر، على مفهوم الإعاقة وتحديدها.
  إن هذا التحديد يفرضه معطى تعدد التعاريف التي حاولت تناول مفهوم الإعاقة. وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى مقاربات قدمت تصورات مختلفة لتعريف الإعاقة.

التعريف حسب التصنيف الدولي للإعاقة 1980/CIH :

حسب هذا التصنيف، تتحدد الإعاقة كمرض أو اضطراب يؤدي إلى قصور في بعض الأعضاء أو وظائفها، مما ينتج عنه عجز في النشاط أو الأنشطة المتعلقة بهذه الأعضاء، ويؤدي ذلك إلى نقص في الدور الفردي تجاه الذات وداخل المجتمع. ويعتبر القصور هنا كفقدان أو اختلال هيكلي وظيفي لعضو أو مجموعة من أعضاء الجسم، مما قد يؤدي إلى عجز أي تقليص، جزئي أو كلي للقدرة على القيام بالنشاط الفردي في حدوده العادية، كعدم القدرة على المشي أو الجري أو النهوض ...إلخ. وغالبا ما تنتج عن هذا عدة أشكال من النقص، بمعنى المنع أو عدم القدرة على القيام بالأدوار الاجتماعية العادية، مثل متابعة الدراسة، أو ممارسة الرياضة، أو الحصول على شغل.

التعريف حسب التصنيف الدولي للوظائف 2001/CIF :

  يعرف هذا التصنيف الإعاقة باعتبارها ناتجة عن مشاكل صحية (مرض أو اضطراب)، تؤثر على بنية الجسم ووظائفه، وتحد من نشاط الفرد (إنجاز عمل، أو تنفيذ مهمة، أو القيام بسلوك إرادي، أو يرتبط بتعليمة، أو في إطار تفاعلي اجتماعي). وتقلص أو تنقص من إمكانات مشاركته في محيطه البيئي والاجتماعي.

التعريف حسب سيرورة إنتاج الإعاقة PPH :

  ويتحدد تعريفها في الأسباب وعوامل الخطر التي ترتبط بإصابة أو تأثير على سلامة وتطور الشخص (حوادث الولادة - الأمراض الوراثية - الإصابات المرضية عند سن مبكرة - الحوادث الطارئة مثل حوادث السير مثلا...)، وينتج عن هذه الأسباب نقص أو تغيير جزئي أو كلي في عضو ما، الأمر الذي قد يتحول إلى قصور جسدي أو حسي أو ذهني، قد ينتج عنه ضعف جزئي أو كلي للقدرة الفردية على القيام بنشاط ما مثل القصور الجسدي الذي يؤدي إلى صعوبة القيام بالحركات، أو القصور البصري الذي يؤدي إلى صعوبة النظر، أو القصور السمعي الذي يؤدي إلى صعوبة السمع، أو القصور الذهني الذي يؤدي إلى صعوبة إنجاز العمليات الذهنية وصعوبة التفكير المنطقي... إلخ.

تعريف منظمة الأمم المتحدة ONU/2006:

  الإعاقة هي قصور ناتج عن اختلال أو فقدان أو غياب أو اضطراب في الأعضاء الفيزيولوجية أو النفسية وفي وظائفها. مما ينتج عنه عجز وظيفي: (استحالة أو محدودية القيام بنشاط ما)، وقد تضيف المعيقات الاجتماعية كالقوانين والعوائق المادية في المحيط كانعدام الوسائل والولوجيات.. وعدم تكيف محيط التفاعل الاجتماعي مع خصائص وحاجيات الإعاقة، وحواجز أخرى تحد من إمكانية مشاركة الفرد في المجتمع، كما تنص على ذلك المادة الأولى من اتفاقيات حقوق الأشخاص ذوي إعاقة.

انطلاقا من التعاريف السابقة، يمكن استخلاص أن الطفل في وضعية إعاقة هو ذلك الشخص الذي تعرض لاختلال وظيفي فيزيولوجي أو سيكولوجي أو الاثنين معا، ونتج عن ذلك قصور أو عجز وظيفي أثر على نمو إمكاناته وقدراته الجسدية أو الحسية أو العقلية أو التفاعلية، وعلى كفاياته وقدراته في القيام بالأنشطة الفردية اليومية، الاعتيادية أو المدرسية أو الأنشطة الحياتية والاجتماعية الأخرى. إن هذه التعاريف لم تغفل الوسط الاجتماعي والقانوني كمحدد للإعاقة، من خلال ما يتضمنه ذلك الوسط من تمثلات ومعيقات مادية أو اجتماعية أو قانونية، تجعل القصور الجسدي أو الذهني أو النفسي غالبا عنصرا مهمشا للإمكانيات التي يتوفر عليها الفرد.

ويمكن التأكيد على أن نظرة المجتمعات والمنظمات الدولية على اختلاف أنواعها إلى الطفل في وضعية إعاقة قد حكمتها تاريخيا ثلاثة أنواع من المقاربات، هي:

المقاربة الطبية:

وقد نظرت إلى الإعاقة كاختلال وظيفي جسدي أو ذهني ينتج عنه قصور في الأداء البشري، وهذا الاختلال الذي له أسباب عضوية، قد تكون مرتبطة بالذات أو بالعوامل الخارجية يستدعي على المستوى الطبي والعلاجي مقاربات متخصصة. أما على المستوى التربوي، فهو يستدعي كذلك مقاربة تربوية تخصصية (التربية المتخصصة Education specialisée) تعنى بتأطير الطفل طبيا لكي يحقق الاستقلالية، ويتمكن من بعض القدرات والمؤهلات والسلوكيات التي تضمنها التنشئة الاجتماعية.

المقاربة الاجتماعية :

وهي تنظر إلى الإعاقة ليس كموضوع أو ظاهرة طبية، بل كإشكالية تتعلق بالواقع الموضوعي للشخص وبعلاقة محيطه الاجتماعي به. إن الإعاقة، وفق هذا المنظور، لا ينظر إليها كأعراض بالولوجية بل كعوائق اجتماعية. إنها أساسا نتاج للعوائق والحواجز الاجتماعية من مثل انعدام الإمكانات في التربية الإدماجية أو الدامجة، وعدم توفر الولوجيات. وانعدام تكافؤ الفرص، والحواجز المادية والنفسية والاجتماعية، ووجود تمثلات خاطئة وأشكال التمييز السلبي.

المقاربة الحقوقية:

وترى هذه المقارية أن الطفل يكون في وضعية إعاقة عندما يتعرض لهضم لحقوقه الإنسانية والإنصاف، إن إعاقته تبرز عندما يقصى من المدارس، أو يواجه غياب ولوجيات معمارية، أو عدم توفير المعدات الإدماجية، أو يواجه عدم تكييف البرامج المدرسية، أو عندما يفتقر إلى المواكبة الفردية. إن كل هذا يمثل إهانة للكرامة الإنسانية للطفل (وفقا للفقرة الثانية من المادة 2 من العهد الدولي). وقد يؤدي هذا إلى المس بحقوق هذا الطفل، خاصة الحق في التمدرس، والحق في مناهج تربوية متكيفة وبرامج متلائمة وتربية جامعة كمرتكز قاعدي لحقوق الإنسان.
تربية وتعليم
تربية وتعليم
تعليقات