المبادئ العامة لمنهاج اللغة العربية للتعليم الابتدائي

البرامج والتوجيهات الخاصة بتدريس مادة اللغة العربية

المبادئ العامة لمنهاج اللغة العربية للتعليم الابتدائي

تعد ملاءمة البرامج والتوجيهات الخاصة بمادة اللغة العربية للسنوات الست من التعليم الابتدائي مع المستجدات التربوية المختلفة عملية ضرورية تستهدف تطوير آليات تعليم هذه اللغة وتحسين تعلمها، وفق متطلبات المقاربة بالكفايات ومقتضياتها. لهذا الغرض تم استحضار مجموعة من الاعتبارات، واعتماد عدد من المبادئ العامة التي تفرضها خصوصيات المتعلم(ة) في المدرسة الابتدائية وطبيعة المادة، ومنهجية تدريس مكوناتها، والرغبة في تمكين المتعلم(ة) من الكفايات المناسبة لهذا السلك. وفيما يأتي مجمل تلك المبادئ والاعتبارات:

مبدأ اعتماد المداخل الثلاثة للمنهاج

مدخل القيم:
 تتمثل هذه القيم في قيم الدين الإسلامي السمح، وقيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية، وقيم المواطنة، وقيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية.

مدخل الكفايات: 
يهدف إلى التركيز على تمكين المتعلم(ة) من استثمار تعلماته في وضعيات مشكلة أو مهمات مركبة لها دلالة وظيفية في حياته ومجتمعه، بحيث يتم إضفاء الفعالية على الممارسة التعليمية التعلمية والاهتمام بحاجات المتعلم(ة)

مدخل التربية على الاختيار: 
يتمثل في تأهيل المتعلم(ة) لاكتساب القدرة على التمييز وإبداء الرأي، واتخاذ القرار المتسم بالوعي والتصرف السليم في مواقف مختلفة بناء على تفكيره الشخصي وتحليله الخاص.

مبدأ التمركز حول المتعلم (ة)
تعتبر المقاربة بالكفايات المتعلم(ة) محورا للتفكير والاهتمام والعمل، وفاعلا أساسا في النسق التعليمي التعلمي، من خلال إسهامه الوازن في التعلم لتنمية معارفه وقدراته ومهاراته واتجاهاته لبناء كفاياته وإنمائها. ومن ثم، فإن الممارسة البيداغوجية في المدرسة والمضامين والمحتويات المسطرة في برامج اللغة العربية يجب أن تنطلق من الطفل وتعود إليه، وتعتبره شريكا أساسا وفاعلا حيويا في الوضعيات والأنشطة التعلمية المختلفة.

مبدأ الانغماس اللغوي
يقتضي هذا المبدأ استعمال اللغة العربية الفصيحة في التواصل المدرسي اليومي، وفي جميع الأنشطة التعليمية التعلمية للمواد الدراسية التي تدرس باللغة العربية، بما في ذلك. باقي أنشطة الحياة المدرسية، حتى تتاح للمتعلم(ة) فرص كافية للتمرن على استعمال النسق الفصيح للغة العربية، واكتساب ملكة التعبير والكلام بسلاسة ويسر، والتواصل الوظيفى بلغة عربية سليمة ودالة. ومن ثم، فاللغة العربية - حسب هذا المبدأ - يتم تعلمها وتوظيفها باعتبارها هدفا في حد ذاته، و أو مادة أداتية بالنسبة لمواد دراسية أخرى باعتبارها لغة التدريس الأولى والأساس، وأداة للتواصل في الحياة.

ولا شك أن تفعيل نوادي القراءة بالمؤسسات التعليمية، والعناية ببرنامج القراءة الإثرائية كفيل بتوسيع مجال الانغماس اللغوي، وضمان استمرار التعامل مع النسق الفصيح للغة العربية ليس داخل القسم فقط وإنما داخل فضاء المؤسسة وخارجه، وعبر النوادي والمكتبات والإذاعة المدرسية ومختلف الأنشطة الثقافية....

مبدأ الوحدات
يتضمن برنامج كل سنة دراسية ست وحدات تتناول سنة مجالات دراسية يستغرق تنفيذ الواحد منها خمسة أسابيع، بحيث تخصص الأسابيع الأربعة الأولى لتقديم التعلمات وبنائها وإرساء الموارد وتتبع أداء المتعلمات والمتعلمين فيها بشكل يومي وتقويمه، عبر أنشطة تعليمية تعلمية تنطلق من وضعيات ملائمة متنوعة، أو مهام مركبة مناسبة في حين يخصص الأسبوع الخامس الأنشطة التقويم والدعم المتعلقة بحصيلة الوحدة لتشخيص صعوبات التعلم، والعمل على معالجتها، وتحسين المردودية التعلمية بشأنها، مع التركيز على الأنشطة التوليفية لدمج التعلمات وتركيبها لإنماء الكفاية.

مبدأ التكامل
يتجلى هذا التكامل عبر مستويين أساسيين هما مستوى المجال الذي تتمحور حوله مختلف دروس الوحدة ومستوى البناء الهيكلي لحصص مختلف مكونات المادة عبر الأسابيع الخمسة للوحدة، بحيث تتكامل مكونات مادة اللغة العربية من خلال الربط الوثيق بين مهارات الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة بطريقة تتألف فيها المهارات اللغوية، وتدعم اكتساب المتعلم(ة) لكل مهارة منها، بالإضافة إلى مراعاة أهمية تكامل اللغة العربية مع المواد الدراسية الأخرى.

مبدأ 
الإضمار والتصريح
يقتضي هذا المبدأ تمرير الظواهر الأسلوبية والصرفية والتركيبية والإملائية بطريقة ضمنية في السنوات الأولى والثانية والثالثة من السلك الابتدائي، ويتم التصريح بها في السنوات الرابعة والخامسة والسادسة من السلك نفسه، على أن يتدرج هذا التصريح نفسه من التحسيس والتلمس إلى الاكتساب ثم إلى الترسيخ والتعميق.

مبدأ 
التدرج والاستمرارية
يتجلى ذلك في تنامي هندسة الأنشطة اعتمادا على: 
التدرج في بناء الكفاية : حسب نوع القدرات من البسيطة إلى المركبة، وحسب المضامين المحيط المباشر للمتعلم(ة) إلى مجالات أرحب: إقليمية وجهوية ووطنية وكونية،  وحسب طبيعة المنهجية والمستويات الدراسية للتعليم الابتدائي.

التدرج باعتباره اختيارا ديدكتيكيا :
من خلال الارتقاء السلس والمتبصر بالممارسة الديدكتيكية مراعاة لقدرات المتعلمات والمتعلمين وتطور حاجاتهم التربوية التدرج داخل المستوى الواحد ومن مستوى الآخر فيما يخص النصوص والأنشطة.

مبدأ التركيز على الكيف
يتم ذلك بالتركيز على ملمح التخرج، وعلى الكفايات المسطرة في البرنامج، وكذا على الأولويات تبعا لخصوصيات السلك التعليمي، وتجاوز التراكم الكمي للمضامين المعرفية، مع الحرص على توفير حد لازم مشترك بين جميع المتعلمات والمتعلمين.

مبدأ التنويع البيداغوجي والديدكتيكي
يتجلى من خلال:
- تنويع البيداغوجيات البيداغوجيا الفارقية، بيداغوجيا الخطأ، بيداغوجيا اللعب، بيداغوجيا المشروع، بيداغوجيا حل المشكلات .....
- تنويع الوضعيات التعلمية خلال بناء التعلمات وخلال اكتسابها أو تقويمها ودعمها
- توفير أدوات ووسائط بيداغوجية متنوعة بسيطة أو مركبة وابتكارها حسب الحاجة إليها، مثل الصور، واللوحات القرائية، والجداول، ومجلة القسم، وركن القراءة، والمعامل التربوية والمكتبات المدرسية، والوسائط الرقمية، والأدوات العينية، والمشاهد، إلخ......
- نهج طرائق وتقنيات تنشيط متنوعة تناسب باقي التوجيهات المتعلقة بالأداء الديدكتيكي ضمن تخطيط قبلي ييسر تدبير التعلمات عمل فردي وجماعي وعمل في مجموعات وضعيات جلوس متنوعة، تقنيات ووسائل مختلفة... إلخ؛
- الاستعانة بمعينات ديدكتيكية متنوعة تسهم في بناء المفاهيم واكتساب المهارات وإنماء الكفايات
- تطبيق مهارات التفكير الاستراتيجي داخل القسم من استقصاء، واستقراء، واستنتاج، وربط النتائج بالأسباب، وبحث عن حلول ابتكارية....

مبدأ الملاءمة وإعطاء معنى للتعلمات
إن المتعلم(ة) يتفاعل بيسر مع المضامين التي تشكل معنى بالنسبة إليه، وتكون لها علاقة بمكتسباته؛ فمن المناسب إذن اعتماد وضعيات دالة ومهمات مركبة عن طريق اعتماد حوامل لها علاقة بالمتعلم(ة)، من حيث مبناها (صيغتها) ومضمونها، وذلك من أجل:
- جعل التفاعل مع ا الوضعيات والمهمات المركبة تلقائيا حتى لا يكون الحامل عائقا
- جعل التعلم ذا جدوى بالنسبة للمتعلم (ة) ليبذل جهدا في التعامل مع الوضعيات - المشكلة والمهمات المركبة المقترحة عليه جعل المتعلم (ة) يتمثل القيم الإيجابية لمحيطه الاجتماعي والثقافي وينخرط فيه وفي أبعاده الكونية أو الإنسانية
- تزويد المتعلم(ة) بتغذية راجعة وبملاحظات بناءة ومستمرة ليكون التعلم ذا جدوى.

مبدأ التقويم والدعم المنتظمين
يعتبر اعتماد آليتي التقويم والدعم سيرورتين ملازمتين للعملية التعليمية التعلمية، لضمان التحسين المستمر للمردودية التربوية وتكييف الممارسة البيداغوجية والديدكتيكية مع حاجات المتعلمات والمتعلمين، وتحقيق قيم العدل والمساواة والإنصاف وتكافؤ الفرص، ويشترط في التقويم أن يكون مرتبطا بتغذية راجعة فورية ومستمرة لكي يسهم في تحسين التعلم وحفز المتعلم(ة) إلى بذل الجهد للتمكن من المهارات المطلوبة.

مبدأ نسقية اللغة
تعتبر اللغة العربية نسقا تاما ومنسجما وليست مكونات لغوية مجزأة ومستقلة، لأن ذلك التجزيء ما هو إلا فصل منهجي وتقني لأغراض مدرسية محضة، أما اكتساب اللغة فيتم بشكل نسقي ومندمج ومتكامل لا يكون فيه فصل بين مستوياتها من هذا المنطلق عمد برنامج اللغة العربية في المدرسة الابتدائية إلى تأجيل التصريح بالقواعد اللغوية حتى السنة الرابعة من السلك الابتدائي لتيسير تعامل المتعلم (ة) مع اللغة بشكل وظيفي وتركيبي يستهدف بناء الكفاية اللغوية بشكل شمولي، لأن المتعلم (ة) يمارس اللغة في حياته اليومية باعتبارها نسقا لغويا.

مبدأ التوليف من أجل الاستثمار
يقتضي إيجاد تمفصلات بين التعلمات المكتسبة تعبئة المعارف والقدرات والمهارات والقيم الملائمة لحل وضعيات ومهمات مركبة، ثم يتم توليف التعلمات وتعبئتها بشكل مندمج ومتضافر الأداء المهمة المطلوبة بنجاح.

مبدأ التفويض التدريجي للمسؤولية
يعتمد التفويض التدريجي للمسؤولية على التهيئة، ثم نمذجة الأستاذ(ة) للاستراتيجية أو للمهارة المستهدفة، بحيث يشخص كيفية إنجاز الاستراتيجية أو المهارة المقصودة أمام المتعلمات والمتعلمين واصفا بصوت مسموع ما يجري في ذهنه، وما يستعمله من عمليات عقلية، وما يستعين به من معارف ومؤشرات أثناء إنجازها، لينخرطوا بعد ذلك فى ممارسة موجهة، ثم ممارسة مستقلة للوصول إلى تطبيق يعزز إتقان المهارة واستخدامها في مواقف جديدة، وذلك على نحو ما . هو موضح لاحقا في سياق الخطوات والاستراتيجيات المتداولة في تدريس القراءة.






تربية وتعليم
تربية وتعليم
تعليقات